مقالات

ناجي الكرشابي يكتب : نسخة “مهجّرة” من خرابها بالداخل..!

 

في لحظة حاسمة من تاريخ الجالية السودانية في تركيا، كان الأمل ينعقد على مؤسسات المجتمع المدني كمراكز الدراسات، وروابط الطلاب، ومنظمات المرأة، لتكون نواة تماسك لا منصات تصفية حسابات.
لكن ما جرى – ويجري – تحت أعين الجميع، يُشير بوضوح إلى ظاهرة تخريبية متكرّرة، بطلتها لا تتورّع عن ارتداء ثوب ما يُسمّى “بالتنظيم”، بينما تمارس كل أدوات الفوضى.

فمن تعطيل مركز “دراسات” لم يكتب ورقة بحثية واحدة منذ إنشائه، على الرغم من تعاقب كوكبة أكاديمية واستراتيجية يشهد لها بالكفاءة، إلى فرض تدخلات إدارية لا علاقة لها بالبحث ولا بالعمل المؤسسي.
عطّلت “عجوبة الخراب” هذا المركز، الذي كان موعودًا بإثراء الساحة السياسية والثقافية والاقتصادية والاستراتيجية والأمنية بسلسلة هائلة من الأوراق البحثية والمطبوعات وغيرها من “المنتوجات” الفكرية.

ومن تعطيل هذا المركز بالصراعات الوهمية، انتقل التخريب إلى إرباك منظمة “نسوية” تعمل في مجال التنمية، والتي طالها نفس المنهج المعطوب والمريض من بلطجة وتدخلات واستغلال، حتى بلغ الأمر أن تنتهي صلاحية بعض التبرعات في المخازن لأن عجوبة وزبانيّتها ما فاضين من حياكة المؤامرات ضد إدارة هذه المؤسسة الهامة.

عجوبة استطاعت، بخبرة ثلاثين عامًا من نسج المؤامرات التي اكتسبتها في السودان، أن تحوّل هذه المؤسسات – والتي للإنصاف شاركت في تأسيس بعضها وسهرت الليالي من أجلها – إلى ساحات صراع، لا ساحات عمل.
لكن وقبل أن تبدأ هذه المؤسسات عملها، تضع عجوبة يدها فوق الباب، مطالبةً الإدارة بالمرور من تحتها كما تفعل “أم الزوج الشريرة” والمهيمنة في أفلام الأبيض والأسود في الستينيات مع “عروس” ابنها المدلل!

كل مؤسسة دخلتها هذه الطاقة من الشر بالشباك، خرجت أهدافها – وقبل ذلك الشرفاء من إداراتها – من الباب، وتمكنت من تحويلها إلى ساحة للصراعات الشخصية.
تُثبت هذه الطاقة الشريرة أن ما يُحرّكها ليس العمل العام، بل نزعة الهيمنة التي تُتلف كل مؤسسة تطأها.

وها هي الآن تسعى بخطى مكشوفة إلى السيطرة على الجالية السودانية في إسطنبول، من خلال بعض البيادق، كما حاولت عبر تحركات ملتوية السيطرة على الروابط الطلابية – وبحمد الله فشلت فشلًا ذريعًا في ذلك – ثم تحاول التمدد عبر هذه الأجسام الشريفة لو تمكنت منها نحو المؤسسات الدبلوماسية السودانية ،
في محاولات تتكرّر في كل مكان تدخل إليه “مهـ م ـا”، تدثّرت بعباءة “الشيخ” الوقور.

الحديث هنا لا يهدف إلى الشتم ولا إلى التشهير، لكنه نداء للحفاظ على ما تبقّى من مؤسسات السودانيين في المهجر.
ما يحدث اليوم “مـ ن ها” يجب أن يُواجَه بوعي جماعي. ولا يليق بنا أن نصمت بينما تُختطف أدوات الجالية واحدة تلو الأخرى.
إنّ أي مؤسسة تخرج من يد أصحابها لتقع في قبضة “المغامرات الشخصية”، فستكون نهايتها التلاشي. وهذا ما يجب أن نمنعه الآن، قبل أن نجد أنفسنا بلا مراكز دراسات، ولا منظمات، ولا روابط طلابية، ولا جالية تعبّر عنّا فعليًا.

أخيرًا، نقول: نحن لسنا ضد أن يعمل أي شخص، حتى طاقة الشر هذه، لكننا ضد أن يتحوّل العمل النبيل إلى أداة لتحطيم المجتمع.
باختصار: لا تُواجه الفوضى بالتجاهل، بل بالكشف، والضغط، والتصدي الجماعي، القانوني، والعلني – و نعدكم بذلك. لأن هذه السطور – كل حرف فيها – ليس مجرد وجع، بل حكاية أمل، كتبتها قلوب ما زالت تؤمن أن للمؤسسات روح، وأن العمل العام لا يجب أن يكون ميدانًا للهيمنة، بل حضنًا للناس. نكتب لنُذكّر: ما زال في الجالية من يحرس النور، وما زال فينا ما يكفي لنبدأ من جديد.
(وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى