Uncategorized

دكتور جاد الله فضل المولى يكتب : المرأة شريكاً لا ظلاً

نقطة إرتكاز

 

 

في زمنٍ تتكسر فيه الصور النمطية وتنهار فيه الأساطير التي طالما حجّمت من دور المرأة، تبرز المرأة السودانية كقوةٍ فاعلةٍ لا تُنكر، وكركيزةٍ وطنيةٍ لا يمكن تجاوزها. لم تعد المرأة مجرد تابعٍ في المشهد العام، بل أصبحت صانعة قرارٍ، وقياديةً في مفاصل الدولة، وشريكةً أصيلةً في بناء الوطن.

لقد أثبتت التجربة أن المرأة السودانية حين تُمنح الفرصة تُثبت جدارتها، لا بالضجيج بل بالفعل، لا بالشعارات بل بالإنجاز. ففي الوقت الذي تورّط فيه كثيرٌ من الرجال في ملفات الفساد الإداري وإهدار المال العام، كانت كثيرٌ من النساء مثالاً للأمانة والانضباط والفطانة، يعملن بصمتٍ ويُنجزن بثقةٍ ويُدِرن المسؤولية بضميرٍ حيّ.

ورغم كل ذلك، لا تزال بعض الأصوات تُحاول النيل من المرأة، متكئةً على تفسيراتٍ مجتزأةٍ ومفاهيم مغلوطة، تُردد أن المرأة ناقصة عقلٍ ودين. لكن نقصان العقل في هذا السياق لا يعني ضعف التفكير أو قلة الفهم، بل هو في باب الشهادة، حيث جعل الله شهادة امرأتين بشهادة رجلٍ واحدٍ لا لقصورٍ في عقلها، بل لتذكّر إحداهن الأخرى. أما نقصان الدين، فهو أمرٌ تعبديٌ مؤقتٌ مرتبطٌ بأحكام الطهارة، لا علاقة له بالقيمة أو الكفاءة أو المكانة.

المرأة ليست ناقصةً في وعيها ولا في عطائها، بل هي الفأس التي تُمهّد الأرض، وهي الساس الذي تُبنى عليه البيوت، وهي التي تكسر رأس الجهل والتهميش والظلم. هي الأم التي تُربّي، والمعلمة التي تُنير، والطبيبة التي تُداوي، والقائدة التي تُلهم.

المرأة السودانية لم تنتظر من يُنصفها، بل فرضت حضورها بجدارتها، وكتبت اسمها في كل الميادين بعرقها وصبرها وإيمانها. ومن أراد أن يُقصيها أو يُقلل من شأنها، فهو لا يُدرك أن المجتمعات لا تنهض بنصفها فقط، بل بكل قواها الحية.

المرأة ليست زينةً في الصورة بل عماداً في البناء. ليست تابعاً في القرار، بل شريكاً في المصير. ومن أراد لوطنه أن ينهض، فعليه أن يُنصف المرأة لا بالشعارات، بل بالتمكين الحقيقي والاحترام الكامل لدورها ومكانتها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى