Uncategorized

دكتور جاد الله فضل المولى يكتب : السودان بين سلام الإرادة ورفض الوصاية

 

 

يرفض السودان أن يُختزل في معادلات دولية لا تعبّر عن إرادته، ويؤكد أن أبواب السلام مفتوحة لمن يأتي بيدٍ نظيفة لا تحمل رماد الكير. فكرامة السودان ليست بنداً تفاوضياً، بل جوهر وجوده السياسي والوطني.

في ظل تسارع التحركات الدولية لإغلاق ملف الأزمة السودانية عبر اتفاقات تُفصّل على مقاس مصالح الدول الراعية، يضع السودان خطوطاً حمراء أمام أي مبادرة لا تحترم سيادته ولا تنطلق من الواقع الميداني الذي فرضته الحرب. ويظل اتفاق جدة هو الإطار الوحيد المعترف به رسمياً، بما شكّله من مرجعية لوقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة.

لكن السلام الحقيقي لا يُبنى على تسويات هشة، بل على ثلاثة شروط تمثل جوهر الموقف السوداني: أولاً، تجميع الميليشيات في معسكرات خاضعة للجيش الوطني، لأن السيطرة على السلاح هي المدخل الوحيد لأي عملية سلمية ذات مصداقية. ثانياً، إبعاد آل دقلو عن المشهد السياسي والعسكري، فالميليشيا التي تحولت إلى كيان فوق الدولة لا يمكن أن تكون جزءاً من مستقبلها. ثالثاً، رفض أي وساطة تشارك فيها حكومة أبوظبي ما لم توقف دعمها المالي والعسكري لمليشيا الدعم السريع، فالممول لا يمكن أن يكون وسيطاً.

لقد تجاوزت اللجنة الرباعية الدولية دور المراقب إلى دور الموجّه، وضغطها المتكرر نحو الاتفاق الإطاري كان أحد أسباب انفجار الحرب. واليوم، يرفض السودان إعادة إنتاج الفشل القديم أو مكافأة الميليشيات على حساب الجيش والمؤسسات الوطنية.

السودان يرحّب بالجهود الإقليمية الصادقة، لكنه لن يقبل أن تُدار أزمته من عواصم تملك مصلحة في استمرارها. فالإرادة السودانية وحدها هي القادرة على صياغة سلامٍ حقيقي، يقوم على العدالة والكرامة الوطنية، لا على حساب السيادة أو دماء الشهداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى