Uncategorized

العدالة الانتقائية… المحكمةالجنائية سيفاً على رقاب الأفارقة وصمتاً أمام جرائم الكبار

دكتور : جاد الله فضل المولى

 

منذ تأسيسها لم تكن المحكمة الجنائية الدولية سوى أداة مشروطة تتحرك وفق مصالح القوى الكبرى وتغض الطرف عن الجرائم التي ترتكبها حلفاؤها في وضح النهار بينما تُسلّط سيفها على رقاب الضعفاء من أبناء القارة الإفريقية دون أن ترتجف أمام دماء تُسفك أو شعوب تُباد.

أين هي المحكمة من جرائم إسرائيل في قطاع غزة حيث يُقتل الأطفال وتُقصف المستشفيات وتُحاصر المدن بلا ماء أو دواء وأين هي من جرائم حكومة أبوظبي في السودان التي تورّطت في دعم مليشيات مسلحة ومرتزقة أجانب يعبثون بأمن البلاد ويشعلون نار الحرب في دارفور وغيرها من المناطق المنكوبة.

لقد أدانت المحكمة علي كوشيب بارتكاب ثلاثين جريمة حرب في دارفور وهو أمر لا خلاف عليه من حيث المبدأ لكن السؤال الأهم لماذا تُفتح الملفات فقط حين يكون المتهم إفريقياً ولماذا تُغلق حين يكون الجلاد مدعوماً من عواصم النفوذ العالمي أو محمياً بجدار المال السياسي والإعلامي.

العدالة لا تُجزّأ والدم لا يُصنّف وفق الجغرافيا أو العرق فكل جريمة يجب أن تُحاسب وكل ضحية تستحق الإنصاف لكن ما نراه اليوم هو محكمة تتحرك حين يُؤذن لها وتُدين حين يُسمح لها وتُصمت حين يُطلب منها السكوت.

الشعوب التي تنزف لا تنتظر تقارير دولية باردة بل تحتاج إلى موقف أخلاقي حقيقي يُعيد الاعتبار للعدالة ويكسر منطق الانتقائية الذي حوّل المحكمة إلى أداة سياسية لا مؤسسة قانونية.

في النهاية لا تُبنى العدالة على الصمت ولا تُحترم القوانين حين تُطبّق بانتقائية فإما أن تكون المحكمة الجنائية صوتاً للحق في كل مكان أو أن تُسقط عنها شرعيةً لم تعد تليق بها أمام شعوبٍ تعرف جيداً من يقتلها ومن يتواطأ على دمها ومن يصمت حين يكون الجلاد حليفاً لا خصماً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى