بحري العسكرية : رجال تجاوزوا حدود الواجب وكتبوا أسماءهم في سجل الشرف
دكتور : جاد الله فضل المولى

في قلب عتمة الحرب، يولد النور من مواقف لا تُنسى، ومن رجالٍ كتبوا ملامح التضحية بدمائهم وصبرهم وحكمتهم. منذ اندلاع الحرب في السودان في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م ، لمع نجم أبطال منطقة بحري العسكرية/الإشارة ، فلم تكن صمودهم مجرد واجب عسكري، بل أسطورة وطنية حيّة تستحق أن تُدرس للأجيال القادمة.
ما سطّره هؤلاء الأبطال من تماسك وبسالة يفوق الوصف والخيال. ثبتوا في أشد اللحظات وأحلك الظروف، لا يسألون جزاءً ولا شكوراً، بل يرجون رحمة الله، مدفوعين بوعي وطني عميق وإيمان راسخ بعدالة قضيتهم. كل موقف من مواقفهم كان قلادة شرف ، وكل تضحية كانت سطراً خالداً في كتاب الوطنية السودانية.
لم تكن الحكمة بعيدة عن ميادين القتال؛ فقائد منطقة بحري العسكرية، ومن معه من القادة، جسّدوا النموذج الحقيقي للقائد المسؤول. اتخذوا قرارات فارقة في لحظات عصيبة، أثبتت أنهم رجال دولة وميدان في آنٍ واحد ، مستندين إلى روح الانضباط والإدراك العميق لخطورة المرحلة.
وسط أزيز الرصاص وصوت القنابل، كان للكتيبة الطبية دور بطولي وإنساني لا يقل أهمية عن ميدان القتال. فقد شكّلوا بلسماًحقيقياً في لحظات الألم والخوف ، وامتدت أيديهم لتضميد الجراح، وقلوبهم لرفع المعنويات ونشر الطمأنينة في نفوس المصابين.
فقد كان لرجال الظل دوراً مفصلياً في سدّ الثغرات بأرواحهم،يعملون بصمت وبعيداً عن الأضواء ، ويؤدون أدواراًحاسمة في حماية الوطن دون أن يسعوا للشهرة أو الظهور الإعلامي. هؤلاء الأبطال هم أبطال المخابرات العامةببحري الذين شكّلوا خط الدفاع الأخير في لحظات مفصلية، حين سدّوا ثغرة كادت أن تكون منفذاً للعدو، لولا صمودهم وجسارتهم التي واجهوا بها مئات الهجمات من مليشيات التمرد. فقد أبلوا بلاءً حسناً وقدموا الشهيد تلو الشهيد والجريح تلو الجريح ، في ملحمة وطنية صامتة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من عاش تفاصيلها.
القادة العظام لا يقفون وحدهم، بل يستندون إلى جنود مؤمنين برسالتهم، وهو ما تجسّد في رجال بحري الأوفياء الذين قاتلوا دون تراجع أو طلبٍ لثناء. لم يكن سعيهم لوسام أو مكافأة، بل كان للواجب، وللوطن دين لا يُمكن التخلّي عن سداده.
إن التضحيات التي بذلها رجال منطقةبحري العسكرية “الإشارة”، والكتيبة الطبية، ورجال المخابرات العامة، هي نموذج يُستحق الوقوف عنده طويلاً. هم ليسوا فقط حماةً للسلاح، بل حماةً للمعنى الحقيقي للرجولة والوطنية. فـلا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، وأولئك الرجال قد كتبوا لنا معنى البطولة في زمن الصمت.حفظ الله السودان وشعبه.


