
في قلب العاصفة التي تعصف بالسودان اليوم تتكشف خيوط التدخلات الخارجية التي لم تعد خافية على أحد والتي باتت تهدد بقاء الدولة السودانية نفسها لا سيما في ظل إصرار حكومة أبوظبي على مواصلة دعمها السخي للمليشيات الدعم السريع بالسلاح والعتاد والمرتزقة في مشهد يعكس إصراراً على إذكاء نار الفتنة وتأجيج الصراع .
هذا الدعم الذي يتدفق بلا انقطاع لم يعد مجرد شبهة بل أصبح واقعاً موثقاً تؤكده تقارير دولية وشهادات ميدانية ومتابعات استخباراتية دقيقة فحكومة أبوظبي لم تكتفِ بتقديم السلاح بل تجاوزت ذلك إلى توفير الدعم اللوجستي وتأمين خطوط الإمداد وتجنيد المرتزقة من دول الجوار في محاولة لإعادة تشكيل المشهد السوداني بما يخدم مصالحها الجيوسياسية.
إن هذا التدخل السافر لا يمكن فصله عن مشروع إقليمي أوسع تسعى من خلاله أبوظبي إلى فرض نفوذها عبر وكلاء محليين يفتقرون إلى الشرعية ويعتمدون على القوة لا على الإرادة الشعبية وهو ما يهدد ليس فقط وحدة السودان بل يفتح الباب أمام تفكك الدولة وانزلاقها إلى فوضى شاملة لا تبقي ولا تذر.
الآثار الكارثية لهذا الدعم تتجلى في تدهور الوضع الأمني وتفاقم الأزمات الإنسانية وارتفاع معدلات النزوح والقتل والنهب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل صمت دولي مريب وتواطؤ إقليمي لا يقل خطورة عن الدعم نفسه.
إن المجتمع الدولي مطالب اليوم باتخاذ موقف واضح لا لبس فيه تجاه هذه التدخلات التي تنتهك سيادة السودان وتغذي الصراع فيه كما أن الدول العربية والإفريقية مدعوة إلى كسر حاجز الصمت والتحرك العاجل لوقف هذا النزيف المفتوح الذي يهدد أمن المنطقة بأسرها.
أما الحكومة السودانية فعليها أن تتحرك بجرأة على الساحة الدولية وأن تقدم ملفاً موثقاً يفضح هذا التدخل ويطالب بمحاسبة المتورطين فيه وفقاً للقانون الدولي كما أن القوى الوطنية مطالبة بتوحيد صفوفها وتجاوز خلافاتها لمواجهة هذا المشروع التخريبي الذي يستهدف الوطن في عمقه.
السودان اليوم في مهب التحولات الكبرى والوقت ينفد بسرعة والسكوت لم يعد خياراً ومن يظن أن بإمكانه العبث بمصير هذا الشعب دون حساب فهو واهم فالسودانيون وإن طال صبرهم لا يفرطون في وطنهم ولا يسلمون قرارهم لمن يشتري الدماء بالذهب.
الإنقاذ لن يأتي من الخارج بل من الداخل من وعي الشعب ومن وحدة الصف ومن إرادة لا تلين في الدفاع عن السيادة والكرامة والحق في الحياة الحرة الكريمة.



