Uncategorized

دكتور جاد الله فضل المولى يكتب : الكلمة سلاح

نقطة إرتكاز

 

في زمن الأزمات الكبرى لا يُقاس دور الإعلام بالميكروفون ولا بالكاميرا ولاباليراع بل يُقاس بمدى تأثير الكلمة في تشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام وبناء الجبهة الداخلية فالإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث بل هو فاعل فيها ومؤثر في مسارها ومشارك في نتائجها.

اليوم وفي ظل ما يعيشه السودان من حرب ضروس لم يشهد لها مثيلاً في تاريخه الحديث حرب تتجاوز حدود الجغرافيا وتخترق عمق السيادة الوطنية حرب تشارك فيها مليشيات مدعومة من الداخل والخارج بهدف تقويض الدولة والانقلاب على مؤسساتها وتفتيت وحدتها الوطنية يصبح الإعلام خط الدفاع الأول في معركة الوعي والبقاء.

الإعلامي الحقيقي لا يقف على الحياد حين يُستهدف وطنه ولا يختبئ خلف شعارات المهنية حين تُهدد سيادة بلاده بل يتحول إلى جندي في معركة الكلمة إلى رسول خير يحمل الحقيقة ويواجه التضليل إلى صوت وطني لا يُشترى ولا يُخدع.

الكلمة ليست مجرد حروف تُنشر بل هي موقف ومسؤولية وأمانة قد ترفع شعباً أو تهوي به إلى الهاوية قد توحد الصفوف أو تزرع الفتنة قد تحيي الأمل أو تقتل الروح الإعلامي الذي يدرك حجم تأثيره لا يتحدث إلا بخير ولا يكتب إلا لما فيه خير الوطن والناس.

في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان لا تقل مسؤولية الإعلاميين عن مسؤولية من يقاتلون في الجبهات فكل ميسر لما خلق له ومن يحمل الكاميرا أو القلم أو الميكروفون يحمل سلاحاً لا يقل خطورة عن البندقية لأن الكلمة قد تُشعل حرباً أو تُطفئها قد تُسقط دولة أو تُنقذها.

إن الإعلام اليوم ليس مجرد وسيلة بل هو سلطة شعبية قادرة على التأثير والتغيير وعلى الإعلاميين أن يدركوا أن كل كلمة تُقال وكل صورة تُنشر وكل خبر يُبث هو جزء من معركة الوعي التي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية فالوطن لا يُحمى فقط بالسلاح بل يُحمى أيضاً بالوعي.

كونوا رسل خير وجنوده لا تنطقوا إلا بما يُعزز وحدة الصف لا تكتبوا إلا ما يُنير الطريق لا تنقلوا إلا ما يُسهم في بناء وطن لا ما يُغذّي الفتنة ويُعمّق الانقسام فالكلمة تقتل الشعوب كما تحييها والإعلامي الذي لا يدرك ذلك لا يستحق أن يُسمى إعلامياً.

إن مسؤولية الإعلاميين اليوم هي مسؤولية أخلاقية ووطنية وتاريخية لا تحتمل التهاون ولا تقبل التبرير فالوطن يناديكم والمرحلة تستدعيكم والضمير يحمّلكم أمانة الكلمة فكونوا على قدرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى