
في عصر أصبحت فيه الهواتف المحمولة امتداداً لهويتنا الشخصية، تتزايد الحاجة الملحة إلى اعتماد سلوكيات واعية في التعامل مع الأجهزة الرقمية وشرائح الاتصالات. فقد بات من الواضح أن الإهمال أو الثقة المفرطة في الآخرين، خاصة في مسائل تبدو بسيطة كإعارة الهاتف أو تجربة شريحة، قد يكون بوابة مباشرة نحو المشاكل القانونية والأمنية، بل وقد يورّط أصحابها في قضايا جنائية دون علمهم أو نية مسبقة.
شراء هاتف مستعمل من شخص مجهول الهوية هو إحدى أكثر المخاطر شيوعاً. فالهاتف المستعمل قد يكون أداةً استُخدمت في جريمة، أو كان موصولاً بحسابات مشبوهة، أو مرهوناً في قضايا أمنية معلّقة. كذلك، فإن تجربة شريحتك في هاتف غريب، أو شريحة غريبة في هاتفك، يفتح الباب أمام عمليات اختراق محتملة أو إساءة استخدام من أطراف خبيثة تجيد التلاعب بالأرقام والبيانات لتوريط الآخرين.
لا تقل خطورة عن ذلك تلك الحالات التي يمنح فيها أحدهم هاتفه لغريب بحجة أنه بلا رصيد ويريد إجراء مكالمة عاجلة. فالمكالمة قد تحمل تهديداً، أو تُستخدم للإحداثيات أو التنسيق لعمل إجرامي، ويُسجّل اسم صاحب الهاتف كمنفّذ أو وسيط في الجريمة دون أدنى علم له بالفحوى.
وفي ظل تزايد القضايا المرتبطة بجرائم إلكترونية، فإن من المستغرب أن العديد منهاتبدأبـحسن نيةأو تصرف عفوي كبيع الهاتف دون مسح محتوياته بالكامل. إن هذا الإهمال جعل الكثير من المواطنين يقفون أمام القضاء، ويدافعون عن أنفسهم في ملفات ثقيلة، لأن الصور والرسائل وسجلات المكالمات أو حتى التطبيقات المرتبطة بهوياتهم بقيت نشطة بعد انتقال الجهاز لشخص آخر.
ليس المطلوب أن يتحول الناس إلى كائنات مرتابة، ولكن من الحكمة أن يُدرك الجميع أن الأجهزة الرقمية لم تعدمجرد أدوات للتواصل، بل أصبحت وثائق شخصية حساسة بوسعها أن تضعك في دائرة الاتهام أو تفضح خصوصيتك إذا سقطت في الأيدي الخاطئة.
الوعي هو الدرع الحقيقي، والحذر في التعامل مع الهواتف والشرائح ليس تشدداً، بل حماية للنفس والهوية من المساءلة أو الاستغلال.
 
				 
					

