سارة الطيب تكتب : في الصمت الممنوع…نبيل…صمتك هو الحضور

سارة الطيب تكتب: في الصمت الممنوع…نبيل…صمتك هو الحضور
في لحظة صمت راودتني الكثير من الاسئلة وأنا افتح سطراً من كتاب عريض لقصص الثبات والشجاعة الصامتة وذلك خلال تغطيتي ضمن الوفد الاعلامي لتحرير مصفاة الجيلي والقياده العامه للجيش وسلاح الإشارة بحري في رحلة من مدينة بورسودان العاصمة الادارية إلى الخرطوم الأم و حينها تذكرت و تألمت لما كنا نظنه وما لا نعلمه عن الصمت لذلك البطل القائد .
كنا كثيراً ما نتحدث عن الصمت الإعلامي .. عن غياب الصوت في أوقات الحرب، عن تلك اللحظات التي يشعر فيها البعض أن المعركة الإعلامية لا تتطلب سوى التغريدات، البيانات، والمقابلات، ..كنا نلوم أولئك الذين نعتقد أنهم في موقع المسؤولية وباستطاعتهم نقل الصورة الحقيقة للعالم،..
أسمع الجميع يقولون لك لست فعالًا بما فيه الكفاية، و صمتك يعني التراخي، خاصة ونحن في أتون معركة إعلامية كبيرة، اليوم فقط فهمت معني المعاناة التي مررت بها.
اليوم، بعد تحرير *مصفاة الجيلي* وفك الحصار عن *القيادة العامة للجيش السوداني
فهمت أن صمتك هو جهاد في سبيل الوطن.ليس عجزا أو لامبالاة، بل صمتًا معجونا بالتضحية وأنت هناك، محاصر في *القيادة العامة*، تتابع الأحداث وتؤدي دورك العظيم، بعيدًا عن الأضواء، مؤمنًا بقدرك في الحفاظ على أمن الوطن وأهله.
في تلك اللحظات العصيبة في قلب الحدث، لم يتشتت تركيزك عن واجبك الإعلامي رغم الظروف التي تعيشها في موقع لا تملك فيه إلا أن تراقب، وتثبت، وتصمد في وجه التحديات التي لا تخطر على بال أحد، أنت لم تكن مجرد متحدث باسم الجيش، بل كنت جزءًا من هذا الجيش، جزءًا من هذه المعركة الوطنية التي أظهرت فيها القوات المسلحة السودانية قدرتها على الثبات، التضحيات والانتصار.
القيادة العامة: تحرير القلب النابض للقوات المسلحة*
أما عن فك الحصار عن القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم كان لي كسب رهان وأننا انتصرنا إعلاميا خاصة أن
هذا الحدث كان بمثابة صمودٍ منقطع النظير أمام التحديات القيادات العسكرية، وعلى رأسهم رئيس هيئة أركان الجيش السوداني الفريق أول محمد عثمان الحسين والناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانيه العميد نبيل عبدالله وغيرهم من الابطال الذين كانوا في قلب العمليات، ولم يكن قرار فك الحصار محض قرار عسكري فحسب، بل كان خطوة نحو استعادة هيبة المؤسسة العسكرية واستقرار البلاد.
عندما تجتمع وحدة الصف والمثابرة، يتمكن الجندي السوداني من تحقيق المعجزات، فك الحصار عن القيادة العامة ليس مجرد تحرير لموقع عسكري فحسب، بل تحرراً لهيبة الوطن التي حاول البعض النيل منها.
تحرير القيادة العامة نقطة تحول رئيسية في مسار المعركة، حيث أعادت القوات المسلحة السيطرة على شريان أساسي في توجيه العمليات العسكرية
أما تحريرمصفاة الجيلي من دنس المليشيا كان يمثل بُعدًا استراتيجيًا مهما في معركتنا، كانت هذه المنشأة حيوية للحفاظ على حياة الناس، وضمان سير الاقتصاد الوطني، لكن ماذا نعلم نحن عن التضحيات التي بذلها جنودنا هناك؟ كان يجب أن يُبذَل الكثير لتأمين هذه المنشأة والحفاظ على قدرتها الإنتاجية، كما كان فك الحصار عن *القيادة العامة للجيش* يتطلب جهدًا جبارًا، حيث كان أبطالنا على الأرض يواجهون تهديدات كبيرة، ولكنهم صمدوا بشجاعة، وعادت القيادة لتكون في قلب معركة الدفاع عن الوطن.
وفي وسط كل هذا، كنت هناك، تسهم في نقل الحقيقة وتوضيح الواقع، وأنت تعرف جيدًا أن هذا هو دورك الأسمى، رغم ما مررت به من معاناة، حيث كان صوتك الإعلامي يحمل وزرًا ثقيلًا من المسؤولية، لم يكن بإمكانك أن ترفع صوتك بحرية مثل الآخرين، لكنك كنت تعمل في صمتٍ وحرفية، تحفظ سرّ هذه المعركة، وتضمن أن الشعب السوداني يعرف ما يجري بالفعل في الميدان.
اليوم، وبعد هذه الانتصارات العظيمه التي تحققت أوجه لك اعتذارًا من القلب اعتذار عن كل كلمة لوم أطلقتها، عن كل شكوك راودتني في صمتك، كان هذا الصمت علامة على الصبر والثبات، على التزامك بمسؤوليتك الجسمية، لقد كنت، في الحقيقة الصوت الذي يحمل الحقيقة، وكان موقفك الصامد في القيادة هو منبع تلك القوة التي جعلتنا ننتصر في هذه المعركة.
أيها البطل الإعلامي، الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، اليوم نحن جميعًا نرى الحقيقة أمام أعيننا، ندرك الآن مدى ثقل الدور الذي لعبته في تلك اللحظات العصيبة. إن الصمت في بعض الأوقات لا يعني الغياب، بل هو حضور بألف معنى، وحضورك كان حاسمًا في هذه اللحظة التاريخية التي سيسجلها الوطن في ذاكرته، وستظل فصولها محفوظة في قلوب السودانيين الأوفياء.
أقول لك انا سارة الطيب أنني *أعتذر، ونحن جميعًا مدينون لك بتقديرٍ عظيم*، فكما حرر جيشنا العزيز *مصفاة الجيلي القيادة العامة للجيش ومدني وبحري ، فإنك كنت قد حررت الحقيقة من صمتها، وكنت جزءًا لا يتجزأ من هذا النصر.