Uncategorized

حرب بلا ملامح ومخطط بلا رحمة والشعب في غيبوبة الحقيقة

دكتور / جاد الله فضل المولى

 

رغم مرور سنتين وسبعة شهور وخمسة وعشرون يوماً على اندلاع الحرب في السودان لا يزال كثير من أبناء هذا الشعب الطيب يجهلون حقيقة ما يجري فوق تراب وطنهم لا تزال الصورة ضبابية والمشهد مشوشاً والمخطط أكبر من أن يُختزل في صراع بين طرفين أو نزاع على سلطة أو نفوذ.

ما يحدث في السودان ليس مجرد تمرد عسكري ولا خلاف سياسي عابر بل هو مشروع تفكيك شامل لدولة كانت تقف على مفترق طرق بين النهوض والانهيار مشروع يستهدف ما تبقى من مؤسسات الدولة ويضرب في عمق النسيج الاجتماعي ويزرع بذور الفتنة ليحوّل السودان إلى ساحة مفتوحة للفوضى والتدخلات الأجنبية.

المخطط كبير وجلل تتداخل فيه الأجندات الدولية مع الأطماع الإقليمية وتُستخدم فيه أدوات محلية بوجوه مألوفة لكنها بأدوار جديدة أدوات باعت ضميرها وتحالفت مع الشيطان لتدمير وطنها مقابل وعود زائفة أو مكاسب مؤقتة.

والأخطر من ذلك أن الشعب السوداني حتى الآن لم يُدرك حجم المؤامرة ولا طبيعة الحرب التي تُشن عليه فالبعض لا يزال يراها معركة كراسي والبعض الآخر يظنها خلافاً عابراً سينتهي قريباً بينما الحقيقة أن السودان يُستهدف في وجوده وهويته وحدوده وثرواته.

في ظل هذا الغياب للوعي الجمعي يصبح من السهل تمرير المخططات ومن السهل التلاعب بالعقول ومن السهل أن يُستدرج الناس إلى معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

هنا تبرز أهمية الوعي وأهمية أن يعرف الناس ما يُحاك لهم في الخفاء فالمعركة اليوم ليست فقط في الميدان بل في العقول والقلوب في الإعلام وفي الخطاب وفي الرواية التي تُروى للناس.

طمئنوا الآخرين كونوا متفائلين وازرعوا التفاؤل تحصدوه فالكلمة الصادقة في زمن التضليل هي طوق نجاة والأمل في زمن الانكسار هو وقود الصمود لا تستهينوا بقوة الوعي حين ينتشر ولا بقدرة الحقيقة حين تُقال.

إن السودان اليوم بحاجة إلى من يوقظ ضمير الأمة لا من يخذلها بحاجة إلى من يرفع الوعي لا من يروّج للانهزام بحاجة إلى من يفضح المخطط لا من يبرره.

فلتكن هذه اللحظة لحظة صحوة لا لحظة غفلة ولتكن هذه الحرب رغم قسوتها فرصة لإعادة تعريف الوطن وإعادة بناء الوعي وإعادة ترتيب الأولويات.

السودان لا يُهزم إلا إذا استسلم شعبه ولا يُسقطه عدو خارجي بقدر ما يسقطه التواطؤ الداخلي واللامبالاة الشعبية.

فليعلم الجميع أن الحرب لم تنته وأن المخطط لم يُفشل بعد وأن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد وأن من لا يعرف عدوه لا يمكنه أن ينتصر عليه.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى