المعز مجذوب خليفة يكتب : مفوضية العون الإنساني الاتحادية: إدارة المنظمات… ماذا يحدث؟
كاتب صحفي

في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمات إنسانية خانقة، ويُنتظر من المؤسسات ذات الصلة أن ترتقي لمستوى الحدث، نجد أن مفوضية العون الإنساني الاتحادية، تحديداً إدارة المنظمات، تعاني من أزمة سلوك إداري لا تقل خطورة عن أزمة الإغاثة ذاتها.
لقد توالت الشكاوى وتعددت أصوات الاستياء من مناديب المنظمات الوطنية والدولية العاملة في السودان، والسبب: تعامل موظف بعينه داخل الإدارة، بطريقة وُصفت بالفوقية والتعجرف والتسلط.
هذا الموظف – الذي يبدو أنه مُحصن برضا المسؤول الأعلى عنه – ينتهك أبسط قواعد السلوك الإداري والإنساني، من خلال تجاهله لحقوق المناديب، وإهدار وقتهم، وعدم احترامهم في بيئة من المفترض أنها تعمل لأجل العمل الإنساني.
أين مدير إدارة المنظمات؟
من المؤسف أن هذه السلوكيات تحدث تحت مرأى ومسمع مدير إدارة المنظمات بالمفوضية، دون تدخل حاسم، وكأن المؤسسة تعمل لحماية الموظف وليس تسهيل عمل المنظمات التي تخدم المواطن السوداني في أشد الأوقات قسوة.
نطرح هنا أسئلة مشروعة:
– هل صارت كرامة ممثلي المنظمات رهينة لمزاج موظف واحد؟
– لماذا تضيع مستندات ، التي يأتي بها مندوب المنظمة المعنية ، من أجل توفير الخدمة من المفوضية من مخاطبات ذات صلة ، للبنوك والتأشيرات وإعفاء الأدوية ؟؟؟
– هل المفوضية بوضعها الحالي تمثل بيئة حاضنة للتعاون الإنساني، أم عائقاً إدارياً يعرقل التدخلات الإغاثية؟
– متى تتم مراجعة أداء هذه الإدارة، وإعادة الاعتبار لأخلاقيات الوظيفة العامة؟
إننا لا نستهدف الأفراد، بل ندعو لتقويم الأداء العام وفق مبدأ احترام العمل الإنساني وتقدير شركائه .
فالمفوضية ليست ملكاً لأحد، بل هي ذراع دولة تُحاسب ويُسأل كل من فيها، من أعلى السلم إلى أدناه، أمام الوطن وأمام الشعب الذي يئن من الجوع والنزوح والمرض.
السكوت على هذه التجاوزات يُعد مشاركة فيها.
وندعو مفوض العون الإنساني للتدخل العاجل لتصحيح هذا المسار، وإلا فإن المؤسسات الإنسانية ستفقد ثقتها في الشراكة مع جهة كان يُفترض بها أن تسهل لا أن تعرقل.
إن مفوض العون الإنساني اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن يثبت أنه حارس لقيم العدالة والإصلاح، أو أن يترك موقعه لمن يليق به حمل هذه المسؤولية الجليلة. فليس من المقبول أن تُدار ملفات إنسانية بهذه الخفة، ولا أن تُفرغ مؤسسات الدولة من قيمها في وقت يحتاج فيه الوطن إلى من يقيم العدل لا من يعطل العمل.
الصمت هنا جريمة.
والمحاسبة واجب وطني.
والإصلاح ضرورة حتمية.
والله من وراء القصد.


