مقالات

ناجي الكرشابي يكتب : هل لاحظتم ..؟

 

 

ناجي

من المؤكد أنّه خلال الأيام القليلة الماضية لاحظتم نشاطاً كثيفاً جدّاً للأبواق المعادية، تزامناً مع إعادة سيطرة الجيش على منطقة بارا الاستراتيجية، والتي كانت تشكّل مركزاً لتجميع السلاح والمرتزقة، بل وحتى منصّة لانطلاق المسيّرات وشنّ الهجمات على المدن والبنية التحتية، وواحدة من منصّات التشويش على الطيران الحربي وقاعدة حصينة للدعم السريع.

ولذلك ضُخّ كل هذا الضجيج والزعيق والنعيق في السوشيال ميديا وغيرها من القنوات التلفزيونية. أقول بين يدي هذا التداخل إنّ الفارق بين «الانتصار الحقيقي» و«الانتصار المصوَّر» محورٌ أساسي لفهم ما يجري.

حين يعلن الجيش عن تقدّم أو استعادة مناطق، يكون الانتصار على الأرض نتيجة دم وتضحية وإرادة، بينما يعمل المتربّصون على تقويض هذه المكاسب عبر المنصات المختلفة لنشر الإشاعات وتدوير بعض القضايا الجدلية ـ وليس تقرير الرئيس السابق عمر البشير ببعيد عن ذلك ـ لتفخيخ وتضخيم الأخطاء، وتحويل هذه الانتصارات الملموسة إلى سجال نفساني يخدم أجندات مَن يريدون إطالة أمد الأزمة أو النيل من معنويات المجتمع.

عزيزي الشعب السوداني، من المعلوم أنّ الانتصارات في الميدان حقيقة لا تُنسخ وسمات لا تقبل الجدل، فهي أثر ملموس على حياة الناس: أمان مناطق سكنية، فتح طرق الإمداد، وصول مساعدات، انخفاض في عدد الضحايا عند إعادة الهدوء، وفوق ذلك كلّه سيطرة فعلية لقواتنا الباسلة، يعبر عنها واقع حياة المواطنين هناك رغم شحّ الخدمات في بعضها.

هذه العناصر تجعل من الانتصار حدثاً واقعياً له تبعات جغرافية وإنسانية وسياسية. ولا يمكن لسيلٍ من الصور المفبركة أو الأكاذيب أن يُلغيه ما دام الواقع يثبت عكسه.

أمّا بالنسبة لنشاط «الأبواغ» وأدوات التضليل المقصود، فالمنصّات الرقمية منحت هذه العناصر الصفرية قدرة كبيرة على إشاعة الضبابية. وتكشف مراقبة نشاط الحسابات الممنهجة عن مجموعة من الأساليب المتكررة، من بينها إعادة تدوير فيديوهات قديمة، أو تضخيم خسائر بسيطة أو أخطاء تكتيكية لتحويل حدث محدود إلى «كارثة كبرى». وبعضها يأتي بروايات بديلة لتقويض ثقة الجمهور بالقوات المسلحة أو مؤسسات الدولة.

ربما لاحظتم قرّائي الكرام أنّني أكتب ربما للمرّة

الأولى بهذا الهدوء. نعم، إنّها الثقة في واقع الحال الآن الذي تبدّل بفضل الله ولطفه. أمّا هذا الضجيج فمجرّد حملة يائسة لإضعاف الروح المعنوية وزرع الشك، وخلق حالة من اليأس تتيح لمصالح خارجية وداخلية أن تعمل بحرّية أكبر.

لا بدّ من مقاطعة منطق التضليل والتغبيش على انتصارات قواتنا الباسلة، ليس دفاعاً أعمى عن مؤسساتنا العسكرية والأمنية، بل دفاعاً عن الحقيقة أولاً، وثانياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى