تقارير

هل يمكن فرض سلام في السودان على الطريقة الأمريكية؟

دكتور : جاد الله فضل المولى

 

في مشهد يعيد إلى الأذهان اتفاق نيفاشا عام ٢٠٠٥م، الذي أفضى إلى انفصال جنوب السودان، تعود الولايات المتحدة مجدداً إلى ساحة النزاع السوداني، لفرض ما يُسمى بـالسلام بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع. لكن هل هو سلام فعلاً؟ أم إعادة تدوير للفوضى تحت غطاء دبلوماسي؟.

إن اتفاق نيفاشا منح الجنوب حق تقرير المصير، تقاسم السلطة والثروة، ودمج القوات.فقدانتهى باستفتاء شعبي في يناير ٢٠١١م، صوت فيه أكثر من ثمانية وتسعون بالمائة من الجنوبيين لصالح الانفصال، لتولد دولة جنوب السودان في يوليو من نفس العام. ورغم إنهاء أطول حرب في إفريقيا، فتح الاتفاق أبواباًجديدةللصراعات، والتقسيم، والاضطرابات.

اليوم، ومع اقتراب الجيش السوداني من حسم تمرد الدعم السريع، تدخل الولايات المتحدة الأمريكية لفرض تسوية سياسية، يُخشى أن تكون نسخة جديدة من نيفاشا، ولكن هذه المرة مع مليشيا متهمة بارتكاب جرائم حرب، إبادة جماعية، واغتصاب النساء.

هل السلام يعني شرعنة القتلة؟التحركات الأخيرةللولايات المتحدةالأمريكية، تهدف إلى إعادة تسويق مليشيا الدعم السريع ودمجها في المشهد السياسي والعسكري،تحت شعار السلام هذا ما أثار غضباً واسعاً بين السودانيين، الذين يرون أن أي تسوية لا تشمل المحاسبة والعدالة، هي انقلاب على إرادة الشعب.

هل يتكرر سيناريو التقسيم؟

السيناريو المطروح من قبل معهد واشنطن، والذي تتبناه الولايات المتحدةالأمريكية، يشمل إعلاناً سياسياً مشتركاً بنية إدارية موحدة، شرعية قانونية ملزمة، ودمج المجتمع المدني. أن فرض وقف إطلاق النار على أساس الوضع الميداني الحالي يعني عملياً تقسيم البلاد، وإعادة إنتاج الأزمة بشكل أكثر تعقيداً لا ان تكون هناك ضمانات دولية.

ماذا يتوقع الشعب السوداني؟الشعب السوداني لا يطلب سوى العدالة، والمحاسبة، وعدم مساواة الجيش الوطني بمليشيا ارتكبت فظائع. أي تسوية تُعيد القتلة إلى المشهد السياسي، هي خيانة للدماء التي سُفكت،وللنساء اللواتي اغتُصبن، وللمدن التي دُمّرت.

إذا كان التاريخ يعلمنا شيئاً، فهو أن السلام لا يُفرض من الخارج، ولايُصنع على طاولات المفاوضات الدولية دون إرادة شعبية حقيقية السودان لا يحتاج إلى نيفاشا جديدة. بل إلى رؤية وطنية تُخاطب جذور الأزمة، وتُعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمحاسبة.لا شرعنة للمليشيا لا تقسيم للسودان لا صفقات على الدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى