أبوظبي في مرآة الأزمة السودانية

كتب : دكتور جاد الله فضل المولى
في قلب العاصفة السودانية، تبرز أبوظبي كفاعل إقليمي مثيرللجدل تتقاطع مصالحها مع خطوط النار، وتتشابك سياساتها مع واقع بلد يتألم تحت وطأةالحرب والانقسام لم تعد حكومة أبوظبي مجرد مستثمر يبحث عن فرص في أرض واعدة، بل باتت جزءاًمن معادلة سياسية معقدة، تتداخل فيها الحسابات الأمنية والاقتصادية، وتنعكس آثارها على حياة الملايين من السودانيين.
منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان،والتي تسببت فيه حكومة أبوظبي بدعمها المباشر والغير مباشر لمليشيات الدعم السريع وبين محاولاتها للتمدد الجيوسياسي في منطقةمضطربة وبين الاتهام والنفي، يبقى السؤال الأهم ما الذي تريده أبوظبي من السودان، وما الثمن الذي يدفعه السودانيون مقابل ذلك؟.
الخرطوم، التي كانت يوماً ما ساحة للتفاهمات الخليجية، تحولت إلى ساحة صراع مفتوح، تتساقط فيها التحالفات كما تتساقط القذائف. وفي نيالا، حيث تكبدت جهات حكومة أبوظبي خسائر فادحة ومقتل مسؤول بارز في حكومة أبوظبي، جاء الرد سريعاً من أبوظبي بتعليق تصاريح الإبحار وحظر حركة البضائع، في خطوة تحمل أكثر من رسالة، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر الدبلوماسي والاقتصادي.
لكن الأزمة السودانية لا تُختزل في موقف حكومة أبوظبي أو قرار خليجي. إنها أزمة وطن يبحث عن ذاته وسط ركام الانقسامات، وعن سيادته وسط طوفان التدخلات. وإذا كانت أبوظبي ترى في السودان فرصة استراتيجية، فإن الشعب السوداني يرى في تلك الفرص تهديداً محتملاً لاستقلاله، وعبئاً إضافياً على كاهله المثقل بالحرب والجوع والنزوح.
في مرآة الأزمة، تنعكس صورة أبوظبي بكل تناقضاتها دولة تسعى للنفوذ، لكنها تواجه رفضاً شعبياً متصاعداً؛ شريك اقتصادي، لكنه متهم بالتورط في زعزعة الاستقرار؛ قوة إقليمية، لكنها تجد نفسها في مواجهة غضب شعب لم يعد يثق إلا في صوته الداخلي. وبين الصورة والواقع ،يبقى السودان هو من يدفع الثمن، وهو من يملك وحده حق إعادة رسم ملامح مستقبله، بعيداً عن أي مرآة خارجية تحاول أن تعكس ما لا يُرى.حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.
 
				 
					


