تقارير

كواليس تعيين الوزراء في السودان

نقطة إرتكاز

دكتور : جاد الله فضل المولى

في بلدٍ يعاني من أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة، لا يُعد تعيين الوزراء مجرد إجراء إداري، بل هو عملية معقدة تتقاطع فيها السياسة بالأمن، والولاء بالكفاءة،والشفافيةبالمخاوف في السودان، لابد أن يكون الطريق إلى الكرسي الوزاري محفوفاً بالفحص والتدقيق، من قبل الجهات المختصة، بالتنسيق مع مجلس السيادة. ويُعتقد أن هذا الفحص يشمل مراجعة الخلفيات الجنائيةوالسياسية والتحقق من الارتباطات الخارجية أو الانتماءات السياسية الضيقة التي تصب في مصلحة الخارج. تقييم مدى ملاءمة المرشح للمنصب من منظور الأمن القومي. فالشعب لديه تساؤلات مشروعة هل يمر الوزراء فعلاً بالفحص الأمني قبل التعيين؟ وهل يُطلب منهم الإفصاح عن ذممهم المالية؟.

فأما بخصوص إقرارات الذمة فالقانون موجود لكنه غير مُفعّل، جاء في قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة ١٩٨٩م ،والذي يُلزم كل من يتولى منصباً دستورياً بتقديم إقرار ذمة مالية عند التعيين، وأثناء الخدمة، وعند مغادرتها. وتشمل هذه الإقرارات الممتلكات العقارية والمنقولة، الحسابات البنكية ، ممتلكات الزوجة والأبناء القُصّر،الأسهم والسندات والودائع.عندما يتولى أي شخص منصباً دستورياً،يجب أن يسلم الاستمارة الرسميةويلتزم بتقديم إقرار براءة الذمة. هذا الإقرارواجب قانوني ملزم،ويترتب على رفض تقديمه عقوبة جنائية كماجاء في القانون بالمادة التاسعة الأشخاص الذين يجب عليهم تقديم للإدارة إقراراً بذمته وهم رئيس الجمهورية ونوابه ومستشاروه، الوزراء ووزراء الدولة ومن في حكمهم، ولاة الولايات ونوابهم ومعتمدو المحليات،رئيس القضاء، وزير العدل، القضاة، المستشارون القانونيون ضباط القوات النظامية من رتب معينة، أي شخص يحدده رئيس الجمهورية أو الوزير المختص.

إذاً ماهي العقوبة التي تترتب علي من يتولى منصباً دستورياً في حال الرفض أو تقديم بيانات كاذبة كما جاء بالمادةالحادية عشر من القانون والتي تنص على أنه يعاقب كل شخص يرفض تقديم إقرار الذمة، أو يورد فيه أي بيانات يعلم أنها كاذبة أو ناقصة، بالسجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو الغرامة، أو العقوبتين معاً.يُعد إقرار الذمة أداة رقابية مهمة لمنع تضارب المصالح و الثراء غير المشروع.يُفترض أن يُقدَّم عند تولي المنصب ويراجع سنوياً أو عندمغادرة المنصب.فإن التطبيق العملي لهذا النص ظل محل انتقاد بسبب ضعف المتابعة وغياب الشفافية.

إذا أرادت الدولة السودانية بناء مؤسسات مدنية قوية، فإن توحيد المعايير وتفعيل القوانين يجب أن يكون أولوية. لا يكفي وجود نصوص قانونية، بل يجب تطبيقها بعدالة وشفافية، بعيداً عن الحسابات السياسية أو الولاءات الحزبية.حفظ الله السودان وشعبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى