مقالات

دكتور جاد الله فضل المولى يكتب : قلب واحد في جسدين: مصر و السودان في معركة المصير الإقليمي

نقطة إرتكاز

 

في عالم السياسة والمصالح، تبقى العلاقة بين مصر والسودان حالة فريدة تتجاوز حسابات الدول نحو صلة الدم والتاريخ والجغرافيا ليست مجرد دولتي جوار تفصلهما حدود، بل شريان حيّ يتدفق على جانبيه نبض الشعوب وتاريخها الممتد.

تتسم هذه العلاقة بخصوصية نادرة، حيث تجمع بين البلدين روابط ثقافية واجتماعية ضاربة في الجذور، تشهد عليها وقائع التاريخ والمواقف المتبادلة. من نهر النيل الذي يروي الأرض والوجدان، إلى التعاون الأمني والسياسي الذي يصون الاستقرار الإقليمي، يبدو أن ما بين مصر والسودان ليس مجرد اتفاقيات، بل تكامل عضوي يمسّ جوهر الهوية.

في الوقت الذي تعصف فيه المنطقة بتحديات جسيمة، يتجدد الرهان على هذا التحالف الطبيعي. ففي مواجهة الإرهاب، أو إدارة ملف سد النهضة، أو استقرار الحدود، تتحول الشراكة المصرية السودانية إلى نموذج استراتيجي يعكس وعياً عابراً للتقلبات.

الشعبان المصري والسوداني يرتبطان برابطة وجدانية تتجاوز الحسابات السياسية. العادات المشتركة، والتاريخ العائلي، كلها عوامل تجعل من هذه العلاقة حالة وجدانية يندر أن تتكرر بين دول الجوار. ومن هنا، تنبع شرعية التحالف من الأرض، قبل أن تُكرّس في الوثائق والقمم.

في زمن تعصف فيه المتغيرات بالمنطقة، يبقى التحالف المصري السوداني خياراً إستراتيجياً لا يُقاس بالمصالح الآنية، بل بقدرته على تشكيل توازن إقليمي يحمي الأمن، ويصون السيادة، ويرفع راية الاستقرار وسط العواصف المتلاحقة.

ويبقى الرهان الأكبر هو إيمان الشعوب بهذه العلاقة، وحمايتها من أهواء السياسة ومغريات التفرقة. فالعلاقة التي يسري فيها الدم لا يُكتب لها الانفصال، بل تُروى بنبض القلب، وتُحمى بإرادة وطنية تسعى للاستقرار والنهوض.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى