تقارير

الأشواك في القدم والندوب في جسد الوطن

IMG 20250727 WA0085

دكتور : جاد الله فضل المولى

حين تُغرز الأشواك في القدم، لا يراهاالكثيرون لكن من جُرِح يعرف حجم الوجع الذي لا يُقال. كما هي الأقدام المتعبة، كذلك الأوطان المُنهكة؛ لا تشتكي، لكنها تنزف في صمت.الحديث عن الألم لا يُتقنه من عاش على ضفافه، بل من غرق فيه .ومن لم تطأ قدماه أرض الخراب، لن يفهم كيف يصبح الصراخ الداخلي صامتاً تحت ركام البيوت، وكيف تتحول الندوب إلى جزء من الهوية الوطنية.

في السودان،الألم ليس حدثاًعابراً بل هو سياق يومي تعيشه الأسر، يحمله النازحون في حقائبهم، ويكتبه الأطفال على جدران المدارس المهجورةويهمسه الجنود عند الفجر وهم يحرسون وطناً جريحاً.

كل شوكة غُرست في جسد السودان تمثلت في خيانة داخلية أو تدخل خارجي أو مشروع سياسي مشوه يزعم الإنقاذ بينما يصنع المأساة. وكل ندبة على خارطة الوطن ما هي إلا توقيع على معاناة شعب عاش حروبًاً بلا نهاية، وحكومات بلا إصلاح، ومؤتمرات بلا قرار.

ليس من السهل أن يتحدث العالم عن السودان وهو لا يعيش داخله. فالكلمات لا تحاكي لون الدم، ولا تصف وجوه الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن وأزواجهن و اخوانهن في حربٍ لا يفهمن سببها.

السودان لا يحتاج لمن يواسيه بالكلام بل لمن يوقف نزيفه بالفعل فالمواقف الرمادية لم تعد تكفي، والتصريحات الدبلوماسية لم تعد تداوي.كلما غُرزت شوكة جديدة تكبر الندبة ولا تُشفى والحل لن يكون في مزيد من الحكومات الوهميةأوصفقات ما وراءالبحاربل في العودةإلى شعبه إلى من يكتوي يومياً بنيران الغياب الرسمي والخذلان الدولي.

الأشواك قد تكون صغيرة، لكن آثارها عميقة. وكذلك الخيبات السياسية، قد تبدو مؤقتة، لكنها تترك ندوباً في وجدان الشعوب. والسودان لن ينهض إلا إذا بدأ العالم ينظر إليه ليس كرقم في تقارير الأمم المتحدة، بل ككائن حي ، يتألم ، ويحلم ،ويستحق الحياة.حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى