تقارير

من تمرد داخلي إلى تهديد إقليمي : التحول في التعاطي الدولي مع الدعم السريع

تقرير : ناجي الكرشابي

 

في تطور لافت وغير مسبوق من حيث اللغة والوضوح، أدان مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، وبشكل مباشر، ما وصفه بـ”التغولات الممنهجة” لعناصر مليشيا الدعم السريع الإرهابية داخل أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى، مُحمّلاً إياها مسؤولية مباشرة عن مقتل أحد عناصر قوات حفظ السلام الأممية في منطقة “بيراو”.

 

لهجة حازمة وموقف واضح :

 

رد السودان، الذي جاء سريعاً على لسان وزارة الخارجية ، حمل لغة واثقة ودبلوماسية دقيقة، واعتُبر بمثابة أول توظيف ذكي رسمي للانكشاف الدولي المتزايد لممارسات الدعم السريع عبر الحدود، بعد شهور من التحذير السوداني من تمدد نشاطات المليشيا إلى دول الجوار.

 

الدعم السريع خطر إقليمي لا محلي :

 

ليس سراً أن مليشيا الدعم السريع، التي أشعلت فتيل الحرب في السودان ، ظلت تنسج علاقات مشبوهة مع عدد من الحركات المسلحة العابرة للحدود، وتستفيد من الفوضى الأمنية في دول الجوار لمراكمة مصادر دخلها وتوسيع نفوذها المسلح. لكن الجديد هذه المرة أن الإدانة جاءت صريحة، ومصدرها مجلس الأمن نفسه، بأعضائه الـ15، دون مواربة أو لغة دبلوماسية رمادية.

 

تهديد إقليمي عابر للحدود :

 

هذا الاعتراف الدولي يضع ملف الدعم السريع في إطار جديد “ملف تهديد إقليمي عابر للحدود”، وليس مجرد تمرد داخلي . وهنا تتضاعف مسؤولية السودان، ليس فقط في خوض معركته الوطنية ضد التمرد، بل في طرح ملف المليشيا ضمن أجندة السلم والأمن في المنطقة.

 

لهجة قانونية حازمة :

 

البيان الصادر عن وزارة الخارجية السودانية ، لم يكن تقليدياً، بل حمل لهجة قانونية حازمة، تضمنت ما يشبه تذكير المجتمع الدولي بما ظل السودان يردده منذ شهور ، أن الدعم السريع ليس خطراً داخلياً فحسب، بل مشروع فوضى إقليمي برعاية جهات خارجية.

 

تمويل وتسليح المليشيا :

 

كما طالب البيان المجتمع الدولي بتكثيف الضغط على الدعم السريع و”راعيتها الإقليمية” في إشارة يُفهَم منها بوضوح دولة الإمارات العربية المتحدة، المتهمة بتمويل وتسليح المليشيا، حسب تقارير وشهادات متواترة.

 

تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية :

 

دعوة الخارجية إلى تصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية وفرض عقوبات عليها وعلى من يدعمها تُعد استمرارا للمطالب الصريحة للمجتمع الدولي منذ اندلاع الحرب.

 

البيان يُظهر أن السودان بدأ يتحرك في الاتجاه الصحيح على المستوى الدولي: ربط معركته العسكرية الداخلية بسياق دولي، وتقديم ملف المليشيا بوصفها تهديداً عابراً للحدود، لا شأناً سودانياً خالصاً.

 

دبلوماسية ما بعد الحرب :

 

إنها لحظة اختبار حقيقي لدبلوماسية ما بعد الحرب، واختبار لقدرة السودان على تحشيد الرأي العام الدولي ضد مليشيا أصبحت عبئاً على السودان، والمنطقة، وحتى العالم.

 

غياب .. وزخم سياسي :

 

في ظل عدم تحرك جدي من الجامعة العربية أو بعض الدول الأفريقية، فإن السودان مطالب اليوم بتكثيف تحركاته عبر مجلس الأمن، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المؤسسات ، لدفع هذا الزخم إلى مداه السياسي الكامل.

 

إنتقال المعركة إلى المحافل الدولية :

 

بيان الخارجية السودانية لم يكن مجرد رد دبلوماسي، بل وثيقة موقف سيادي واضحة، تُعلن انتقال المعركة من الميدان إلى المحافل الدولية. وإذا واصلت الدبلوماسية السودانية هذا النهج القائم على الحقائق، والمسؤولية، والمبادرة فسيكون ذلك بداية حقيقية لعزل مليشيا الدعم السريع دولياً، ومحاسبة من يموّلها، بصفتهم شركاء أصليين في الجريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى