مقالات

ناجي الكرشابي يكتب : هل دماء السودانيين وقودا للحراك الكيني..!

 

في كينيا، لم تندلع الاحتجاجات فقط ضد قانون المالية أو قمع الشرطة، بل تفجّر وعيٌ جديد وسط جيل لم يعد يرى نفسه في إرث القبائل، ولا في مؤسسات ما بعد الاستعمار، ولا في النخب التي استهلكت البلاد في خطابات فارغة وفساد ممنهج. الجيل الجديد من الكينيين خرج إلى الشارع بوصفه مواطنين لا تابعين، يرفعون شعار الشفافية لا شعار القبيلة. وفي خضم هذه الهزة الشعبية، لا بد أن نطرح السؤال المشروع: هل لهذا الحراك صداه خارج كينيا؟ وهل السودان معنيٌّ به أكثر من غيره؟

 

استطيع القول بان روتو والدعم السريع صداقة تحاصرها الجماهير فالرئيس الكيني ويليام روتو، أحد الداعمين الإقليميين المعلنين لقائد مليشيا الدعم السريع في السودان، يجد نفسه اليوم محاصرًا بانتفاضة شبابية تتحدى شرعيته الأخلاقية والسياسية. وفي الوقت الذي يتورط فيه روتو في مغازلة رموز العنف والتمرد في السودان، ترفع جماهير نيروبي شعارًا آخر: لا للتحالف مع المجرمين، لا للتورط في دماء الشعوب الأخرى.

 

هذا الحراك سيكتب نهاية جيل الصفقات وبداية جيل الوعي ، والرسالة التي يحملها ويفترض أن تصل إلى المنطقة بأسرها، هي أن الجيل الجديد في أفريقيا لم يعد يقبل بحكام يصنعون شرعيتهم في صفقات خلف الأبواب المغلقة ، ففي عالم يرتبط بعضه ببعض إذا نجحت الحركة الشبابية الكينية في كبح جماح روتو داخليًا، فإن ارتدادها الإقليمي سيكون مزلزلًا. وربما يُضطر من يتحالفون مع قتلة الشعوب إلى مراجعة حساباتهم.

 

من نيروبي إلى الخرطوم.. الدرس واضح لأن المسافة بين نيروبي والخرطوم ليست بعيدة. وإذا كان الرئيس روتو قد راهن على الدعم السريع باعتباره رقماً في معادلة إقليمية، فها هو يواجه معادلة شعبية أكثر تعقيدًا ، وعي لا يهادن، وجيل لا ينسى، وشعوب تراقب. وفي النهاية، ما يصنع الفرق ليس عدد البنادق، بل الوعي الذي يتشكل تحتها. وللإجابة على السؤال الأبرز هل سقوط روتو.. يغيّر وجه الحرب في السودان؟.

اقول : إذا نجح الحراك الشعبي في كينيا في إسقاط الرئيس ويليام روتو، فلن يكون ذلك مجرد حدث محلي. بل سيتجاوز أثره حدود نيروبي، ليطال الخرطوم، وجوبا، وكل المساحات التي تشكّل فيها كينيا لاعبًا سياسيًا وأمنيًا . فكينيا لم تكن يومًا دولة على الهامش، بل ظلت تؤدي دورًا محوريًا في صراعات شرق إفريقيا، سواء كوسيط معلن أو كحليف غير معلن لقوى الأمر الواقع.

نواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى