هروب من العدالة وظهور للتمويه : قائد المليشيا في مأزق السقوط المعنوي
دكتور : جاد الله فضل المولى

في لحظة يواصل فيها السودان معركته الوطنية الحاسمة ضدالتمرد والفوضى تتكرر مشاهد التخفي الضعيف لقائد ميليشيا الدعم السريع، في ما يشبه محاولات بث الحياة في جسد معنوي يحتضر. يظهر أحياناً في ثياب باليةوملامح باهتة، لا ليقود، بل ليرقّع ما تبقى من معنويات منهارة بين صفوف ميليشياته. لا يملك قائدٌ مثل هذا زمام قرار، بل يتحرك كمؤثر نفسي في لحظة انكسار كاملة.
كلما اهتزت الروح المعنوية في صفوف المتمردين، يظهر القائد متخفياً، مُحاطاً بعدسات مختارة بعناية، ليعيد ما يمكن إنقاذه من شعور ولاء كاذب. لا يحمل ظهوره أي رؤية أو مبادرة للحل، بل خطاب شكوى وتناقض وتبرير لخراب صنعه بنفسه. مرة يتّهم الدولة، ومرة يحاول الظهور كمظلـوم، وثالثة يقفز إلى سرديات المؤامرة والمظلومية،متجاهلاً أنه من بدأ الحرب وافتعل الدمار وشرد الملايين.
من التهديد العلني بالقبض على رئيس مجلس السيادة، والقائد العام للقوات المسلحة إلى الاعتراف غير المباشر بالعجز، تنقّل القائد بين نبرات القوة المصطنعة، والاعتذار المُبطن، في مشهد يعكس فشل مشروعٍ حاول الاستيلاء على السلطة بالقوة، فانتهى بتقويض الدولة وتفجير المجتمع. وما يُسوّقه اليوم في خطاباته من شكاوى وهمية، ليس سوى تمرير لخيبة مشروعٍ أدرك أخيراً أنه محكوم عليه بالانهيار.
ظهور القائد لم يعد يُقنع حتى مَن حوله؛ فالجهاز التنظيمي للمليشيا يعاني من تفكك ميداني وانقسامات داخلية ، وفقدانٍ كامل للسيطرة على الأرض. أما سياسياً، فقد خرج من الحسابات الوطنية، ولم يعد مقبولًا حتى كمحاور، بل بات مطارداً رمزياً وأخلاقياً وشعبياً،قبل أن يكون مداناً قانونياً.
إن تخفي هذا المتمردوظهوره الموسمي الباهت، ما هو إلا محاولة فاشلة لإعادة بثّ الروح في مشروع ميت. الشعب السوداني لن يُخدع بمن خرج عليه مدججاً بالسلاح، وعاد متخفياً يرتدي ثوب المظلوم. الوطن لا يُدار بالخطابات المرتبكة، بل بإرادة صادقة، والعدالة لا تنتهي حين يغيب الجسد بل تبدأ حين تظهر الحقيقة. حفظ الله السودان وشعبه .



