التطبيل وتلميع الأشخاص : أزمة وعي أم غياب الأولويات في السودان

في الوقت الذي يواجه فيه السودان تحديات كبيرة على المستويات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، تبرز مشكلة التطبيل وتلميع الأشخاص كظاهرة تُثير التساؤلات. لماذا أصبح التركيز على تمجيد الأفراد بدلاً من التركيز على تطوير المؤسسات وحل المشكلات الحقيقية؟ وهل هذه الظاهرة تعكس أزمة وعي مجتمعي أم أنها نتيجة غياب الأولويات الوطنية؟.
ماهو التطبيل وتلميع الأشخاص؟. يُشير إلى المبالغة في مدح الأشخاص والقيادات دون النظر إلى إنجازاتهم الحقيقية أو مدى تأثيرهم الإيجابي. هذه الظاهرة تنتشرفي وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم التركيز على الأفراد بدلاً من السياسات والقرارات. تلميع الأشخاص يتجسد في تقديم صورة مثالية عنهم، تُخفي عيوبهم أو إخفاقاتهم، مما يُضلل الرأي العام. هذا السلوك يُسهم في تعزيز ثقافة الشخصنة على حساب العمل الجماعي والمؤسسي.
ماهي أسباب انتشار هذه الظاهرة؟غياب النقد البنّاء وضعف الثقافة السياسية يُسهمان في انتشار التطبيل دون تمحيص أو تحليل. يُعاني الشعب من تحديات كثيرة تجعله يميل إلى التعلق بأشخاص يقدمون وعوداً براقة، حتى وإن كانت غير واقعية.تُروج القيادات السياسية للتطبيل كوسيلة للحفاظ على شعبيتها وتغطية إخفاقاتها. غياب الشفافية والمساءلة يجعل من السهل التلاعب بالمعلومات وتقديم صورة غير حقيقية للأشخاص. أحياناً يلعب الإعلام دوراًغير مهني مما يُساهم في ترويج التطبيل من خلال البرامج والمقالات التي تُركز على الأفراد بدلاً من السياسات. يفتقر الإعلام أحياناً إلى الحياد، مما يجعل بعض المنصات تُستخدم كأداة لتلميع شخصيات بعينها.
ماهي آثار هذه الظاهرة على السودان؟. يُبعد الأنظار عن المشكلات الحقيقية التي تحتاج إلى حلول عاجلة، مثل الاقتصاد، التعليم، والصحة. التركيز على الأشخاص يُقلل من قيمة العمل المؤسسي والتخطيط الجماعي. التلميع يُضلل الرأي العام ويُثني المواطنين عن التمييز بين القادة الحقيقيين وبين أصحاب المصالح الشخصية. هذا التضليل يُؤدي إلى اتخاذ قرارات مجتمعية خاطئة، مثل دعم قيادات غير مؤهلة. الشخصنة تُضعف دور المؤسسات الوطنية وتجعل الولاء للأشخاص بدلاً من الولاء للوطن والقيم الوطنية. هذا يؤدي إلى تراجع في بناء الدولة وتعطيل المشاريع التنموية.
ماهي الحلول التي يمكن إتباعها لمعالجةهذه الظاهرة؟. نشر الثقافة النقدية وتعزيز الوعي السياسي من خلال التعليم ووسائل الإعلام المستقلة.
تشجيع المواطنين على تقييم القادةبناءًعلى أفعالهم وإنجازاتهم وليس على أساس الشعارات.تعزيز دور المساءلة والشفافية من خلال مؤسسات رقابية قوية ومستقلة. بناء نظام يحاسب القادة على إخفاقاتهم ويُبرز دور المؤسسات في تحقيق النجاح. دعم الإعلام المستقل وتشجيع تغطية تركز على المشكلات والحلول بدلاً من تمجيد الأشخاص.تطوير مدونات أخلاقية للمهنة الإعلامية لضمان النزاهة والموضوعية.
ظاهرة التطبيل وتلميع الأشخاص في السودان تُعتبر عائقًا أمام تحقيق التنمية الحقيقية وبناء دولة المؤسسات. السودان بحاجة إلى قيادات تُثبت جدارتها بالأفعال، وليس بالأقوال أو التطبيل. حفظ الله السودان وشعبه.



