دكتور جاد الله فضل المولى يكتب : اغتيال الحقيقة في بابنوسة: حين تصبح الإشاعة سلاحً المعركة
نقطة إرتكاز

في خضم دخان المعارك وغبار الأكاذيب المتصاعدة من أرض بابنوسة تتردد أصداء إشاعة اغتيال عبدالرحيم دقلو قائد مليشيا الدعم السريع إشاعة لم تأتِ من فراغ بل وُلدت من رحم الغموض والتكتم والتواري عن الأنظار في لحظة مفصلية سقطت فيها المدينة بيد المليشيا التي يقودها دون أن يظهر أو يعلّق أو يعلن النصر الذي لطالما تغنّى به.
فما الغرض من هذه الإشاعة ولماذا في هذا التوقيت بالذات هل هي محاولة لتضليل الرأي العام أم لخلق حالة من البلبلة داخل صفوف الخصوم أم أنها تعكس صراعاً داخلياً مكتوماً داخل بنية المليشيا نفسها.
غياب دقلو عن مشهد سقوط بابنوسة يثير تساؤلات أكثر مما يجيب هل هو حيّ يتوارى عن الأنظار لأسباب تكتيكية أم أن هناك ما يُخفى عن عمد في كواليس الصراع المسلح الذي أكل الأخضر واليابس في السودان.هذا التواري عن الأنظاريريد به إسدال الستار والتغطية علي الانتهاكات التي حدث .
قائد المليشيا يبدو عازماً على المضي قدماً في مشروع الخراب لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص ولا راية ترفرف سوى راية الفوضى أماداعموه في الخارج والداخل فيبدون كمن يراهن على حريق شامل يعيد تشكيل السودان على مقاس مصالحهم لا على مقاس شعبه.
في ظل هذا المشهد المأساوي تتوالى الجرائم من قتل واغتصاب وتهجير وتدمير ممنهج لبنية الدولة والمجتمع وكأن الهدف ليس فقط السيطرة على الأرض بل سحق ما تبقى من أمل في وطن يتسع للجميع.
أليس من الحكمة أن يتوقف هذا العبث وهذه الفوضي أن يُسدل الستار على مسرحية الدم والدمار أن يُمنح هذا الشعب المكلوم فرصة للحياة والكرامة بدلاً من أن يُساق إلى مذابح الطموحات الشخصية والأجندات الخارجية.
السودان لا يحتاج إلى مزيد من القتلة بل إلى قادة يحملون همّ الوطن لا همّ السلطة إلى رجال دولة لا أمراء حرب إلى مشروع وطني لا مشروع مليشياوي يقتات على الجثث والخراب.
آن الأوان أن يُقال كفى وأن يُسمع الصوت الذي ظلّ يُقمع ويُقصى ويُغتال مراراً صوت الشعب السوداني الباحث عن وطن لا عن مقبرة.



