مقالات

الحضارة السومرية : نشأتها وأثرها

 

 

المقدمة :

 

تُعدُّ الحضارة السومرية واحدة من أقدم الحضارات في تاريخ البشرية، وقد نشأت في منطقة بلاد الرافدين (العراق حاليًا) حوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد. اشتهرت هذه الحضارة بإسهاماتها الكبيرة في العديد من المجالات، بما في ذلك الكتابة، القانون، الزراعة، والعلوم. كان لهذه الحضارة تأثير عميق على الثقافات اللاحقة، ما جعلها حجر الزاوية في تطور الحضارات الإنسانية.

 

 

نشأة الحضارة السومرية :

 

ظهرت الحضارة السومرية في منطقة السهل الرسوبي جنوب العراق، وهي منطقة غنية بالأنهار (دجلة والفرات) التي وفرت المياه والتربة الخصبة للزراعة. استقرت الشعوب السومرية هناك وشيدت المدن الأولى مثل أور، أريدو، وأوروك.

IMG 20241213 WA0208

كانت المدن السومرية تتمتع باستقلال سياسي وإداري، وظهرت فيها أولى أنظمة الحكم المنظمة على شكل دول-مدن، حيث كان لكل مدينة ملكها وآلهتها الخاصة.

الإنجازات السومرية

1. الكتابة المسمارية

اخترع السومريون أول نظام كتابة في العالم يُعرف بالكتابة المسمارية، حيث كانت تُنقش الرموز على ألواح طينية باستخدام أدوات حادة.

ساعدت الكتابة في توثيق القوانين، المعاملات التجارية، والنصوص الأدبية.

2. شريعة أور-نامو

تُعد شريعة أور-نامو، التي وضعت حوالي عام 2100-2050 ق.م، أقدم شريعة قانونية مكتوبة معروفة.

ركزت الشريعة على مبادئ العدالة الاجتماعية والعقوبات التعويضية بدلًا من العقوبات البدنية.

تضمنت قوانين تعالج قضايا القتل والاعتداء على الحقوق، حيث كان الجاني يدفع غرامات مالية تعويضية.

ساهمت في تنظيم الحياة اليومية وضمان حماية الفئات الأضعف، مما جعلها نموذجًا قانونيًا مميزًا في عصرها.

3. التطور الزراعي

طور السومريون أنظمة ري متقدمة للتحكم في مياه الأنهار واستغلالها في الزراعة.

زُرعت محاصيل مثل القمح والشعير، مما أدى إلى زيادة الإنتاج الغذائي.

4. الهندسة والعمارة

شيدوا المباني باستخدام الطوب الطيني، وأسسوا المعابد الضخمة المعروفة بـ”الزقورات”، مثل زقورة أور، التي كانت مراكز دينية وإدارية.

5. العلوم والفلك

اهتم السومريون بدراسة الفلك وتقسيم الزمن، حيث وضعوا أساس التقويم القمري وقسموا الساعة إلى 60 دقيقة.

6. الأدب والفنون

قدمت الحضارة السومرية أولى الملاحم الأدبية مثل “ملحمة جلجامش”، التي تناولت موضوعات فلسفية وإنسانية عميقة.

اهتموا بالنحت والفخار، وتركوا العديد من الأعمال الفنية المميزة.

الدين في الحضارة السومرية :

كان الدين محوريًا في الحياة السومرية، حيث عبدوا آلهة متعددة تمثل قوى الطبيعة والعناصر الكونية.

أبرز الآلهة: إنكي (إله الحكمة والمياه العذبة)، إنانا (آلهة الحب والحرب)، وأوتو (إله الشمس).

كانت المعابد (الزقورات) مراكز العبادة والتواصل مع الآلهة، ويعتقد السومريون أن الملوك يحكمون بتفويض من الآلهة.

IMG 20241213 WA0211

نهاية الحضارة السومرية :

ضعفت الحضارة السومرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد نتيجة الصراعات الداخلية والضغوط الخارجية من الشعوب المجاورة مثل الأكديين، الذين وحدوا بلاد الرافدين تحت حكم سرجون الأكدي. ومع ذلك، استمر تأثير الحضارة السومرية في الفترات اللاحقة، وورثتها الحضارات الأخرى.

الخاتمة :

قدمت الحضارة السومرية إسهامات عظيمة للبشرية، حيث وضعت أسس الكتابة والقانون والتنظيم الاجتماعي. ومن خلال شريعة أور-نامو، ظهرت أولى المحاولات لتقنين العدالة الاجتماعية وتنظيم العلاقات بين الأفراد. لا تزال آثار هذه الحضارة قائمة في النصوص المكتوبة والمعالم الأثرية التي تُظهر عبقرية هذا الشعب، مما يجعل دراستها أمرًا أساسيًا لفهم تطور المجتمعات البشرية.

 

IMG 20241213 WA0209

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى