الاقتصادي

سنار : موجة غضب من سياسة البنك الزراعي

متابعات : فجر السودان

 

في تطور جديد يعكس تعقيدات المشهد الزراعي في ولاية سنار وسط السودان، دعت إدارة البنك الزراعي بالولاية المزارعين الذين تعثرت أوضاعهم المالية إلى تسوية ما عليهم من ديون، كشرط أساسي للحصول على التمويل الزراعي لهذا الموسم، وذلك رغم التوجيهات الصادرة عن بنك السودان المركزي التي تنص على ضرورة تقسيط المديونيات على العملاء، بما في ذلك تقسيط الأقساط المقسطة، مراعاة للظروف الاستثنائية التي يمر بها القطاع الزراعي والمزارعون على حد سواء.

مصادر مطلعة أفادت بأن البنك الزراعي في سنار تمكن من استرداد الجزء الأكبر من ديونه المستحقة على مزارعي الولاية، وهو ما دفع العديد منهم إلى اتخاذ إجراءات قاسية شملت بيع ممتلكاتهم الشخصية، بما في ذلك المجوهرات والعقارات والأراضي الزراعية، في محاولة لتسوية الالتزامات المالية المترتبة عليهم. ورغم هذه التضحيات، لا يزال عدد كبير من المزارعين في حالة انتظار للتمويل، بعد أن أخفق البنك في تمويل ما يقارب 30% من مزارعي ولاية سنار خلال الموسم الحالي.

وفي إطار السياسات العامة، أصدر بنك السودان المركزي تعميمًا موجّهًا إلى كافة المصارف العاملة في البلاد، يتضمن ضوابط جديدة لمعالجة خسائر الحرب وتكوين مخصصات التمويل، وذلك استكمالًا للجهود الرامية إلى التخفيف من آثار النزاع المسلح، وتماشيًا مع التعميم السابق الصادر بتاريخ 25 يوليو 2024، الذي تناول إجراءات مؤقتة لمعالجة تداعيات الحرب على القطاع المصرفي.

التعميم الجديد أوضح أن العمليات التمويلية التي نُفذت قبل اندلاع الحرب يجب أن تُعامل وفقًا لضوابط المنشور رقم (2008/1) الخاص بسياسات وإجراءات التمويل المتعثر وتكوين المخصصات، وذلك بالنسبة للأقساط المتعثرة قبل تاريخ 15 أبريل 2023. أما الأقساط المستحقة بعد هذا التاريخ، فقد تقرر تمديد فترة استحقاقها لمدة 18 شهرًا اعتبارًا من أكتوبر 2024. كما أشار المنشور إلى أن العمليات التمويلية التي تمت بعد اندلاع الحرب تخضع لنفس الضوابط المذكورة، بما في ذلك تصنيف حالات التعثر وحساب المخصصات المرتبطة بها.

وفي سياق متصل، تناول مقال صحفي نُشر تحت عنوان رمزي يعكس واقع العلاقة بين البنك الزراعي ومزارعي ولاية سنار، صورة قاتمة للوضع الراهن، مشيرًا إلى أن السياسات المصرفية التي انتهجها البنك الزراعي ساهمت في تعطيل الموسم الزراعي لعام 2025، بعد أن كانت المليشيات المسلحة قد تسببت في تعطيل موسم 2024 من خلال أعمال النهب والتخريب التي طالت ممتلكات المزارعين.

المقال أشار إلى أن والي ولاية سنار أوفد لجنة رسمية ضمت وزيري المالية والزراعة إلى جانب الأمين العام لاتحاد مزارعي الولاية، لعقد اجتماع مع المدير العام للبنك الزراعي بمدينة ود مدني، وقد انعقد اللقاء بمقر أمانة حكومة ولاية الجزيرة يوم الخميس الموافق 14 أغسطس الجاري. وخلال الاجتماع، طرحت اللجنة مطالب محددة أبرزها استكمال حصة ولاية سنار من الوقود، والتي تبلغ مليون وستمائة ومئتان وستون جالونًا، إلا أن البنك الزراعي عجز عن توفير هذه الكمية، واضطر إلى تقليص الحصة المخصصة لكل مشروع زراعي من خمسة براميل إلى ثلاثة، دون أن يتمكن من توفير ما تبقى من الكمية المطلوبة.

كما تناول المقال بندًا آخر يتعلق بتمديد فترة التمويل من 15 أغسطس إلى الأول من سبتمبر، غير أن المحاولات التي بذلتها اللجنة خلال الاجتماع لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة، حيث اتضح أن المدير العام للبنك الزراعي لا يمتلك الصلاحيات الإدارية الكافية لاتخاذ قرارات حاسمة، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على ضعف القدرة التنفيذية في إدارة البنك.

وبناءً على مخرجات الاجتماع، خلص المقال إلى أن فترة التمويل للمزارعين في ولاية سنار قد انتهت فعليًا يوم الجمعة الموافق 15 أغسطس، وأن فرص الحصول على التمويل لهذا الموسم أصبحت شبه معدومة، باستثناء الحالات التي تم تمويلها مسبقًا، والتي اعتُبرت حالات استثنائية. أما من لم يحصل على التمويل، فقد بات خارج نطاق الدعم المصرفي وفقًا للأنظمة والسياسات المعتمدة، في ظل عجز الإدارة العامة للبنك الزراعي عن إيجاد حلول عملية.

وفي ختام المقال، طُرح تساؤل حول جدوى استمرار الاعتماد على البنك الزراعي كمصدر رئيسي للتمويل، داعيًا المزارعين إلى البحث عن بدائل عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الموسم الزراعي، محذرًا من أن الأراضي الزراعية قد تتحول إلى مساحات بور كما حدث في العام السابق، في حال عدم اتخاذ خطوات فورية. وأكد أن ما كُتب يعكس واقعًا مريرًا لا يمكن تجاهله، داعيًا المزارعين إلى التحرك الفوري نحو الزراعة، بعد أن فاتتهم فرصة التمويل لهذا العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى