
في ظل احتدام الأزمة السياسية والإنسانية في السودان، يتصدر الدور الأمريكي المشهد كعامل مؤثر في مجريات الأحداث. وبين التصريحات الدبلوماسية التي تنادي بالسلام، والمواقف التي توصف بأنها انحيازٌ لأطراف معينة، يبرز تساؤل جوهري هل تسعى واشنطن فعلاً لتحقيق الاستقرار في السودان؟ أم أنها تدير مصالحها الإستراتيجية عبر أدوات إقليمية ومحلية، على حساب التوازن الوطني؟.
منذ التسعينيات، لم تنقطع خيوط والمؤامرات والتأثير الأمريكي عن السودان، بدءاً من العقوبات الاقتصادية، ثم جهود الوساطة، وصولاً إلى دعم الانتقال الديمقراطي بعد ان تسببت في سقوط النظام السابق. ومع اندلاع المواجهات العسكريةالتي اشعلتها المليشيا، عاد الحضور الأمريكي إلى الواجهة بشكل مكثف، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السودانية حول حقيقة هذا الدور.
إذاً ماهي أهداف واشنطن المحتملة في السودان؟. أن الولايات المتحدةتهدف إلى إقصاء المشاركين في حرب الكرامة ، بمن فيهم الإسلاميون والوطنيون الذين يرون أنفسهم جزءاً من نسيج المقاومة السودانية.تشجيع قيام حكومة مدنية انتقالية بقيادة شخصيات غير توافقية، أشبه بنماذج “الكرزايات” كما ظهرت في العراق وأفغانستان يقودها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك فرض توجهات سياسية تخدم مصالحها ومصالح أبوظبي خصوصاً فيما يتعلق بإدارة الثروات الاستراتيجية مثل الذهب، والمواقع الحساسة على البحر الأحمر.الدفع نحو لقاء البرهان وحميدتي، رغم الرفض الشعبي الواسع لفكرة تطبيع العلاقة مع قادة مليشيات اتُهمت بارتكاب انتهاكات جسيمة.
ماهو موقف الجيش من الضغوط الدولية؟.الجيش السوداني حدد مجموعة من الشروط الواضحة كمدخل لأي عملية سلام،فك الحصار عن الفاشر، والانسحاب الكامل من المدن والمناطق التي تُسيطر عليها المليشياتجميع القوات خارج المناطق السكنية في معسكرات. تقديم القيادات المتورطه في ارتكاب الجرائم إلى العدالة.رفض أي وجود سياسي أو عسكري مستقبلي لهذه المليشيا هذه المطالب ليست فقط رؤية المؤسسة العسكرية، بل تعكس الإرادة الشعبية التي ترى في العدالة والكرامة أساساً لأي سلام حقيقي.
ماهي تعقيدات الموقف الدولي؟رفض الجيش اللقاء مع حميدتي قد يُصوَّر دولياً كموقف متعنت، مما يفتح الباب أمام ضغوط أكبر، ربما تشمل اللجوءإلى البند السابع أو تدخل دولي باسم المساعدات الإنسانية. أما القبول دون ضمانات واضحة فيحمل مخاطرة بتفكك داخلي وانعدام الثقة الشعبي بالحكومة، بما يُعيد إنتاج الأزمة من جديد بل اقوي مماهي عليه.
هل تسعى أمريكا إلى السلام… أم إلى المصالح؟.التحرك الأمريكي تحت مظلة الرباعية لا يبدو أنه يضع السلام الشامل كأولوية، بل يهدف إلى ضبط التوازن الإقليمي بما يخدم مصالح واشنطن وحلفائها، خصوصاً في ظل المنافسة الدولية في البحر الأحمر، والتدخلات في ملف الذهب السوداني.
السودان لا تُحدّد مصيره غرف السياسة الدولية، بل إرادة شعبه المكلوم، الصابر، الحريص على العدالة والمحاسبة. وبين تحركات واشنطن ومواقف القوى الوطنية، ينتظر السودانيون مساراً لايُقصي أحداً، ولا يكرّس واقعاً مفروضاً يخدم أجندات الغير على حساب الوطن.حفظ الله السودان وشعبه.
 
				 
					


